ذهبت الرياح وبقي السكون .. ولم أعلم من أكون .. ظللت
شاردة في بحر الخيال .. ظللت واهمه في المحال .. أكتب وأعلم أنكم لن تفهمون ..
عشقت حالة ’’لا يعرفون‘‘ .. وألقيتها من يدي .. تسبح وتعوم .. يا ترى ماذا ألقيت؟
ذهبت الرياح ولم أخذ منها ما أريد .. ذهبت ولن تعود الآن
.. ربما تعود في وقت لاحق لم أعد أريدها فيه .. ما أردت ذهب ولم يعد .. فعشقت طيب
الرياح .. ونسيم الهواء ..
ذهبت الرياح قبل أن تأخذ معها الدموع .. تمنيتها رياح
دائمة .. تداعب ملامح وجهي الصامت .. وتذوب جزئياتها بين مسام جلدي .. ذهبت ..
وتركت أثارها .. أنتظرتها في شرفتي .. تأتي كل موسم لتداعب أفكاري .. وتمر لأكتب
عنها.
ذهبت الرياح وتركت لي البسمة .. تتغير كل دقيقة .. ولم
أدري ماهيتها .. أ هي بسمة أم دمعة ؟ .. حتى ظنت حواسي أنني مجنونة .. متى أردت
الدمع أجبرت عيوني على الدمع .. ومتى أردت البسمة أجبرت شفاتي على الإبتسام ..
وتآمر علي العين والشفاه .. حتى كلما أردت البسمة بكيت .. وعندما تنميت الدمع
ابتسمت.
ذهبت الرياح وتركت تآمر العين والشفاه .. شردت في
تساؤلاتهم عن حالتي .. وحاولت مراراً وتكراراً أن أخبرهم بــ’’مفيش حاجه‘‘ ولم
يصدقوني .. أعلم أنهم حائرين في الحالة الهادئة نسبياً .. ومللت من قول ’’هذه
حالتي .. ولم يجد جديد‘‘ يا ترى ماذا حدث؟
ذهبت الرياح وتركت بعض النسيم .. تحدث إلي وقال ’’ماذا
بك يا فتاة؟‘‘ .. فأجبته .. ’’لا أعلم لما لم يصدقني العين والشفاه؟‘‘ .. فقال
’’تفكري في كل شئ .. جديد كان أم قديم .. وماذا تغير في العدة أشهر القليلة .. وظل
يخبرني بما جرى لي .. وانصت له جيداً .. ولم أرد.
ذهبت الرياح وبقي من النسيم قليل .. أظنه رسول من
الأنوار السائرة على الأرض .. بلى إنه نور .. فنور لي الطريق .. وأصبح يُرى بالعين
المجردة .. يتحرك أمام أعيني ليجبرني على رؤيته .. حتى ظننت أنني أغشي على في
الفترة الأخيرة .. ولم أعلم ماذا فعلت؟
ذهبت الرياح وأراد النسيم أن يودعني .. وسعدت بوجوده
الهادئ والمتكلم .. وهمس في أذني .. يجب أن تعودي لما كنتي عليه من الحالة السابقة
قبل الحالية البائدة .. وترك النسيم المكان وظلت رائحته قريبة .. فكم هو من
جميـــــــــــــــــــــــــــــــل.
ذهبت الرياح وفتحت عيوني .. واستيقظت من النوم .. وأدركت
أنه كان حلماً جميلاً .. وسكنت لفترات طويلة ورأسي على وسادتي .. أتفكر فيما قاله
النسيم في أذني ولم تسمعوه .. وتغيرت حالتي من الكآبة للهدوء والراحة النسبيين ..
وخرجت لشرفتي مسرعة متمنية وجودة النسيم وجدت الرياح الطيبة في الهواء .. ظننتها ذهبت وهي ولم
تذهب!

